إعلان في الرئيسية

أخبار ساخنة

إعلان أعلي المقال

ثقافة و منوعات ثقافة و منوعات

حكايتي مع الفيروس... قصة حقيقية



الحلقة_الثالثة والأخيرة
حكايتي_مع_الفيروس_كوفيد19

أول ليلة أبيتها في البيت بعد خروجي من المستشفى سالما معافى والحمد لله، عدت لأعزل نفسي مجددا في غرفتي بعيدا عن أهلي حتى أتأكد وأطمئن لانتفاء الفيروس من جسمي نهائيا، كانت ليلة هادئة والحمد لله بعد أسبوعين كاملين من الألم والوهن والحمى وفقدان الشهية وضيق التنفس، صرت أشعر أنني أحسن حالا من ذي قبل كل صباح أستيقظ فيه وأنا أعد الأيام عدا حتى تنقضي فترة العزل الإضافية لأضم أبنائي وألعب معهم وأشارك أهل بيتي موائد الطعام ومجالس السمر والأنس، فقد مضى زمن طويل منذ آخر جلسة لنا مع بعض.
شيئا فشئا بدأت في التقرب منهم، بدأت بالجلوس معهم في غرفة الجلوس بعيدا عنهم بما لا يقل عن متر، ثم بعد بضعة أيام جلست معهم إلى المائدة فلست أشعر بأي شيء يمكن أن يسبب لهم الأذى فلما الاعتزال إذن؟
استمر الوضع كذلك مدة 6 أيام لم أكن أشعر فيها بأي شيء مما مضى، وفي يوم الاثنين 20 أفريل 2020 قصدت المستشفى من أجل أمر آخر غير موضوع مرضي، فالتقيت بطبيبي صدفة وسألني عن حالي ولماذا أتيت مجددا فأجبته بأن الأمر لا يتعلق بي، رغم ذلك ناداني إلى مكتبه وتحدثنا وقال لي سأفشي لك سرا الآن بعد أن اطمأننت لشفائك، قال لقد خفت عليك كثيرا عندما رجعت إلي قبل 10 أيام واطلعت على تحاليلك وصور أشعة رئتيك وأخفيت عنك ذلك وتظاهرت بأن كل شيء على ما يرام طالبا منك البقاء في المستشفى للرعاية، والحمد لله لقد تمكنت من النجاة بفضل الله وكرمه. فاجأني كلامه من جهة وأفرحني من جهة أخرى، فلم أكن أعلم أن الأمر كان خطيرا إلى ذلك الحد. طلب مني الطبيب أن أقوم بإعادة اختبار كوفيد19 مجددا للتأكد من خلو جسمي من الفيروس لأعود إلى حياتي الطبيعية وأنهي اعتزالي ففعلت، أخذوا مني عينات أخرى وأخبروني أن النتيجة ستصدر خلال يومين فخرجت راجعا إلى المنزل سائلا الله أن تكون سلبية هذه المرة.
فجر الإربعاء 22 أفريل 2020، ومباشرة بعد صلاة الفجر وتلاوة ما تيسر من القرآن أخذت هاتفي لأطلع على المستجدات فإذا بي أجد رسالة قصيرة من رقم خاص من الواضح أنه يعود لهيئة رسمية، فتحت الرسالة لأجد فيها بشرى سلبية نتيجة الاختبار وخلو جسمي من الفيروس ولله الحمد والشكر. حمدت الله كثيرا وناديت زوجتي أبشرها بذلك فعمت الفرحة وصدحت هي أيضا بحمد الله، كيف لا وقد انتهت 20 يوما كاملة من العزلة والألم والحزن في البيت.
في الصباح وعند استيقاظ الأولاد، بشرناهم أيضا بالشفاء فبدت عليهم السعادة وعاد الأمل، سألني إبني الأصغر: أبي هل ذهبت عنك الكورونا؟ هل يمكن لي أن ألمسك؟ فقد اشتقت إلى أحضانك. قلت لهم جميعا نعم نعم تعالوا أضمكم واحدا واحدا ونحمد الله على عظيم لطفه وكرمه.
عادت الأمور إلى طبيعتها في البيت وعادت زوجتي الغالية إلى غرفتها، وعدنا إلى مائدتنا ومجلسنا نحمد الله ونسأله أن يبلغنا رمضان ولا يخرجنا منه إلا وقد رفع عنا الوباء وكشف البلاء عن البشرية جمعاء، وفتح الأجواء لنطير إلى أغلان لملاقاة الوالدين والإخوة والأحباب والأصحاب. فاللهم استجب.

❇• ملاحظات وعبر من الأزمة:

ـ الأخ، نعمة من أعظم النعم، فبوجوده يشعر المرء بالدعم والسند، فرغم ما بالأخ من ألم وهموم إلا أنه يساند أخاه ولا يشعره بأي شيء من ذلك، يطمئن على حاله صباحا ومساء وقبل أن يخلد إلى النوم، فاللهم احفظ إخوتي جميعا وبارك لهم في أهليهم وأرزاقهم وأعمارهم.
ـ الأصدقاء الحقيقيون تظهر معادنهم في الأزمات، حيث يدفعهم الوفاء والحب إلى المخاطرة بأنفسهم غير آبهين بالعواقب، فأهم شيء لديهم هو الوقوف بجانب صديقهم الذي وقع في ورطة ما أو مشكلة.
ـ الكلمة الطيبة لها مفعول كالسحر، فهي تزرع الأمل وترفع الهمة وتنشر البهجة، عندما تحسنت حالتي في المستشفى وأخبرت بعض الإخوة والأصحاب بما ألمّ بي، جاءتني رسائل عديدة غمرتني بالسعادة، أذكر على سبيل المثال اتصالات هاتفية من دكاترة وعلماء وشخصيات بارزة أحسست على إثرها أنني على أعتاب الشفاء وأزالت عني الكثير من القلق والألم فشكرا لهم جميعا.
ـ فيروس كوفيد19، ليس أكذوبة ولا مؤامرة ولا خيالا كما يتصوره البعض من المستهترين المستهزئين الجاهلين، هو معضلة عالمية عجز عن حلها إلى الآن دكاترة وعلماء وساسة وقادة كبار، العدوى تنتقل بسرعة رهيبة ولا تفرق بين الشعوب ولا الأديان ولا الأجناس ولا الألوان... الفيروس موجود في كل مكان حتى في أغلان، فعندما كنت أعاني منه هنا في اسطنبول كان صديق لي في مستشفى تيريشين في غرداية لنفس السبب والحمد لله قد خرج منه سالما هو كذلك. فرجاء خذوا الأمر بجدية أكثر واحترموا إجراءات السلامة والتزموا بالتباعد الاجتماعي حتى ينحصر الوباء قريبا ويفرج الله عنا بعودة الحياة إلى طبيعتها.
ـ كما منّ الله عليّ وعلى أصدقائي بالشفاء فإن العديد من المصابين حول العالم كان الفيروس سبب وفاتهم عليهم رحمة الله، فالأمر عائد إلى الأجل أولا، وإلى مدى مناعة المصاب واستجابة جسمه لمقاومة الفيروس، فلا أحد يضمن نفسه إن أصيب لا قدر الله وليس لنا حاليا إلا الوقاية لتفادي الإصابة.
ـ لمن يسأل عن أصدقائي الثلاثة الذين أصيبوا معي فلله الحمد لقد تم شفاؤهم هم أيضا نسأل الله السلامة لجميع المرضى.
ـ أنشأت الحكومة التركية خلية أزمة خاصة لتسيير هذه الأوقات العصيبة، ومن بين قراراتها مجانية العلاج في المستشفيات الحكومية لكل مرضى كوفيد19 من الأتراك والمقيمين وحتى الزوار بمن فيهم الذين لا يملكون وثائق وبطاقات إقامة، فالأمر إنساني أولا وأخيرا.
ـ ألاحظ هنا في تركيا ـ رغم التأخر في اتخاذ الاجراءات ـ التزاما كبيرا من الشعب في احترام القوانين وإجراءات السلامة، مثلا: المحلات هنا تستقبل عددا محددا يتم كتابته في واجهاتها وهو مرتبط بمساحة المحل، وضع الكمامة إجباري ولا يسمح لأي شخص لا يضعها من الدخول في المحلات التجارية، احترام مسافة الأمان في الطوابير بين كل شخصين بمقدار متر على الأقل، حظر خروج من هم أقل من 20 سنة ومن هم أكبر من 60 سنة مهما كانت الأسباب إلا المرضى الذين يذهبون إلى المستشفيات، حظر عام للتجول كل نهاية أسبوع للتقليل من الاحتكاك بين المواطنين.
والسلام عليكم السلام ورحمة الله
ربيع حدبون، إسطنبول......✅



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *