إعلان في الرئيسية

أخبار ساخنة

إعلان أعلي المقال

ثقافة و منوعات ثقافة و منوعات

حكايتي مع الفيروس... قصة حقيقية


الحلقة_الثانية
حكايتي_مع_الفيروس_كوفيد19

رجعت الى البيت بمعنويات عالية والحمد لله لأجد زوجتي وأبنائي في انتظار خبر سعيد مني، فأخبرتهم أن لا داعي للقلق وأن النتائج ستصدر خلال يومين، كنوع من التدرج في إخبارهم بما قدر الله لي.
طلبت من زوجتي تخصيص غرفة في البيت لي، كي أعتزلهم فيها إلى أن يفرج الله عنا، فكان الرأي أن أظل في غرفتي أين يوجد فراشي وحمامي الخاص بينما تغير هي الغرفة مشكورة مأجورة إن شاء الله. بدأت بتناول أدويتي ومراقبة حالتي كما طلب مني الطبيب وقضيت بقية اليوم مستلقيا في فراشي أفكر في حكمة الله ومشيئته وأحمده تعالى وأشكره.
إتصلت برئيس منتدى الجالية الجزائرية أخبره بما حصل طالبا منه ومن الشباب المرافق لنا إلى كرابوك بالاستعجال في القيام بالفحص بما أننا نعاني من نفس الأعراض.
• يوم الجمعة 3 أفريل 2020
كان أول صباح أستيقظ فيه في غرفة الحجر الصحي الإجباري في بيتي وقد بدأت أتأقلم مع الوضع وأحمد الله على لطفه في القضاء، فالأعراض لحد الان خفيفة والوضع تحت السيطرة بفضله، انتظرت بفارغ الصبر اتصال خلية الأزمة المنصبة من طرف الحكومة التركية لإعلامي بنتيجة فحص covid19 إلا أنه من الواضح أنهم لم يصلوا بعد إلى عيناتي التي هي واحدة من بين مئات الآلاف التي تصلهم يوميا من مختلف المستشفيات التركية. واصلت تناول أدويتي ومراقبة حرارتي وأي تغيير قد يطرأ عليّ فلله الحمد لم يكن هناك شيئا خطيرا أبدا، وكانت بقية الأوقات قضيتها بين قراءة القرآن والمطالعة والتواصل مع الإخوان والأصحاب وهم لا يعرفون شيئا.

• يوم السبت 4 أفريل 2020
بدأت هذا اليوم مبكرا إذ أفقت قبيل الفجر قاصدا الحمام وما إن دخلت بدأت أشعر بدوار يشتد بسرعة وأنفاسي تكاد تنقطع فأدركت أن خطرا ما يتحدق بي فقفزت مع آخر مقدار جهد بقي لدي خارجا من الحمام لأستلقي مباشرة على السرير، فما هي إلا ثوان حتى أحسست بالراحة وعادت الأمور إلى نصابها كأن شيئا لم يكن... غصت مباشرة في نوم عميق حتى جاءت زوجتي لتوقظني لصلاة الفجر.
عدت إلى النوم حتى أفقت على أصوات الأولاد تملأ البيت الكئيب فرحا ولعبا غير آبهين بما يحدث حولهم فطوبى لهم.
استيقظت حوالي الساعة الحادية عشر لأتناول فطوري ودوائي وأنتظر الاتصال المشؤوم بأمل وألم... أمل لقطع الشك باليقين والتسليم بمشيئة رب العالمين، وألم لما قد يكون في انتظاري وبخاصة التفكير المؤلم في إمكانية التسبب في إيذاء أهل بيتي الأعزاء، هذا أكبر ما كان يؤلمني ويسيل دموعي عند التفكير به، وليس ما قد يحدث لي وليكن ما يكون فلا راد لقضائه عز وجل.
اتصل بي السيد مدير منتدى الجالية الجزائرية في اسطنبول يستفسر عن المستجدات فأخبرته بأنني أنتظر كما ينتظر هو، وما هي إلا لحظات حتى يرن الهاتف فيظهر لي أن الاتصال من جهة رسمية تابعة لوزارة الصحة التركية. ألو، هل السيدة ربيعة معي؟ (أول سؤال يطرح علي عند كل اتصال من شخص تركي فعندهم اسم RABIA هو اسم للنساء فقط)، لأرد: مرحبا معك السيد ربيع نعم. تقوم المتصلة بتعريف نفسها ثم تطرح علي بعض الأسئلة حول حالتي الصحية وأين أقضي أوقات يومي، ومن معي في البيت وما أعمارهم، وهل يشتكون من شيء؟... أجبتها عن كل أسئلتها فقدمت لي نصائح وأوامر وجب علي الالتزام بها وإلا تعرضت لمتابعات قضائية، وهذا طبعا بعد أن أكدت لي #إيجابية نتيجة الاختبار covid19.
بعدها أحسست براحة نفسية، ترجمتها زوال جل الأعراض التي كانت لدي فأصبحت أكثر نشاطا وخفّت كثيرا آلام المفاصل التي كانت لديّ، قضيت بقية اليوم بين الكتابة والقراءة والصلاة والتلاوة ومحادثة الإخوان والأصدقاء إلى ما بعد منتصف الليل فخلدت إلى النوم حامدا شاكرا الله على عظيم لطفه.
• يوم الأحد 5 افريل 2020
استيقظت على بركة الله على صوت زوجتي الغالية تناديني لصلاة الفجر فقمت أحمد الله أن قضيت ليلة هادئة نمت فيها ملأ جفوني والحمد لله، فتوضأت وصليت وعدت إلى النوم إلى حوالي الساعة الحادية عشر وقمت لأتناول فطوري ودوائي حامدا شاكرا. بعد أن تناولت دوائي وكالعادة دخلت في نوبة حرارة مع تصبب كمية عرق معتبرة استمرت حوالي 5 دقائق لتعود بعدها الحرارة الى الاعتدال، وقد لاحظت تكرر ذلك كلما تناولت دواء باراسيتامول، بعدها جلست أطالع حينا وأتواصل مع الأصحاب حينا وأستمع الى القرآن أحيانا الى أن غفوت حوالي العصر، كل هذا وانا لم أبرح غرفتي إلا لجولة خفيفة الى الصالون لرؤية أبنائي الذين اشتقت إلى أحضانهم ومشاكساتهم ولعبهم معي... فاللهم أسألك التعجيل بالفرج يا نعم المولى ونعم النصير.
اتصلت بصديقي رئيس المنتدى ح ج لاستفسر عن نتائج فحصه هو وزوجته فقد كنا معا في رحلة كارابوك مع زميل آخر اسمه ز، ليفاجئني السيد ح ج بسلبية فحصه هو بينما كانت نتيجة فحص زوجته إيجابية رغم معاناتهما وأنا من نفس الأعراض بل هو بدرجة أكبر! حقيقة أمر هذا الفيروس غريب جدا... بقية اليوم كان عاديا بين حرارة ترتفع حينا وتستقر حينا، دونما مضاعفات أكبر والله الحمد.
• يوم الاثنين 6 أفريل 2020
أصبح الروتين مقلقا جدا ومزعجا، كل يوم كسابقه، اشتقت إلى اولادي، إلى أصحابي، إلى أشعة الشمس ونسيم الحدائق، فاللهم عجل لنا بالفرج واخلفنا خيرا من أزمتنا هذه.
أهم ما يميز اليوم هو ارتفاع حرارتي في كثير من الأوقات وتصبب العرق منهمرا، وبخاصة بعيد تناول الدواء، سألت الطبيب فأكد لي أن الأمر عادي ولا يدعو للقلق.
جاء موظفان من وزارة الصحة التركية إلى البيت وطلبا منا الالتزام بالحظر الصحي مدة أسبوعان وأن لا يخرج أي منا قبل ذلك، أمضينا تعهدا بذلك.
• من الثلاثاء 7 إلى الجمعة 10 أفريل 2020
بدأت الأعراض تشتد علي، خاصة بعد أن بدأت في تناول دواء هيدروكسيكلوروكين الذي أتى به موظف وزارة الصحة التركية إلى البيت، صارت الحرارة تشتد أكثر الأوقات لتصل إلى حوالي 40 درجة، الفشل العام يسيطر علي فلا أقوى على القيام إلا بصعوبة بالغة، فقدت الشهية كليا فكل طعام أضعه في فمي وكأنني أتناول قطعة إسفنج مقرفة، فقدت الكثير من وزني، بدأت أشعر بضيق في التنفس خاصة عندما أحاول استنشاق قدر كبير من الهواء.
أخبرت صديقي ع ش باشتداد الأعراض فنصحني بكسر الحجر والذهاب إلى المستشفى للقيام بفحص آخر وجاء وأخذني إلى طبيبي الذي عالجني من قبل، فحصني الطبيب وقل لنا لابد أن تظل في المستشفى إلى أن تستقر حالتك ولا وقت لدينا لتضييعه، حمدت الله ورضيت بذلك ورجعت إلى البيت فجمعت أغراضي وودعت أهلي وقصدت المستشفى لأحظى بغرفة في طابق العناية بمرضى الكورونا، قام الممرضون مشكورون بوضع السيروم وقناع الأكسجين لمساعدتي على التنفس ولتنقية الرئتين من آثار الفيروس بينما واصلت تناول نفس الأدوية.
قضيت في المستشفى 4 ليال، كنت في آخر ليلة منها ولله الحمد أشعر بتحسن كبير جدا وكأن كل أعراض المرض قد ولت إلى الأبد، استعدت شهيتي ونشاطي وشعرت بقرب الفرج ولله الحمد والشكر.
• يوم الثلاثاء 14 أفريل 2020
كان آخر يوم قضيته في المستشفى بعد أن خيرني الطبيب بين البقاء ليوم إضافي للاطمئنان أكثر على صحتي وبين الخروج ففضلت الخروج بما أنني شعرت حقا بالتحسن الكبير، خرجت ولله الحمد لا كما دخلت قبل 4 أيام، خرجت وكلي نشاط وحيوية وأمل، قاصدا البيت دون أن أخبرهم بذلك لتكون لهم مفاجأة سعيدة فكان كذلك والحمد لله.
عمت الفرحة أرجاء البيت بعودتي من جهة وبسلامتهم هم أيضا من جهة أخرى فقد مضت فترة حضانة الفيروس دون أن تظهر عليهم أعراضا ولله الحمد والشكر. لكني أخبرتهم أن الطبيب طلب مني مجددا البقاء منعزلا مدة 10 أيام أخرى حتى التأكد من زوال الفيروس نهائيا إن شاء الله فكان الأمر كذلك.
يتبع...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *