إعلان في الرئيسية

أخبار ساخنة

إعلان أعلي المقال

الصحة الصحة

فيروس الكورونا... بنظرة الكاتب بلقاسم صنديد

فيروس كورونا!

السماء زرقاء وصافية وخالية من الغبار، ونعجة الجيران تصيح بقوة منذ ساعات الصباح الأولى كأنها تود أن تخبر العالم بسر ما قبل أن تغادر الحياة ويتحول رفاتها لموائد يتم توزريعها في حفل بهيج أو عزاء حزين. وبعض الناس قلقة وخائفة من فيروس كورونا ، بجانبي يجلس عاطلان عن العمل يعاتبان زيدان مدرب ريال مدريد كثيرا على إدخاله بيل مما جعل السيتي يعود لمشجعيه بأمل متصاعد، وأحدهم يرى بأن زيدان أراد إغاظة رئيس النادي ليشتري لاعبين للنادي المتكاسل عن التألق. متفرج آخر عندما شاهد تبون  في قصر اليمامة يمشي  عند كتف خادم الحرمين كمشية كاظم الساهر في أغنيته "قولي أحبك"؛ صرح بأن عليه أن يتوقف على كثرة السفر حتى لا يجلب لنا فيروس كورونا فهو لن يخضع ربما لفحص الحرارة عند العودة. أما أنا فاجلس حول مائدة الشاي ولا اعلم لماذا دائما يثم  تكليفي بتحضيره  وضعت سماعة الرأس لاستمع لأغنية الست أم كلثوم وهي تشدو بحكمة تتجدد يوما بعد يوم:
بعد حين يبدل الحب دارا
والعصافير تهجر الاوكارَ
وديار كانت قديما ديارا
سترانا كما نراها قفارا
ويبدو أن نعجة الجيران توقفت عن البكاء بصوت مرتفع وقررت بأن تأكل الحبل الذي يربطها بالعمود حتى ينقطع وتهرب؛ لكنها حتى لو فرت فإنها ستبقى نعجة في أعين جميع العابرين؛ وربما تصاب بفيروس كورونا عندما تشاهد نشرات الأخبار المليئة تفاصيلها بالخوف والهلع والقلق من المستقبل وربما تكتشف بأن خنجر الجزار ليس بذلك السوء إذا كان المستقبل بتلك الأوبئة والفتن والحروب والمآسي التي يروج لها المتشائمون. .. 
فيروس كورونا لن يكون أكثر فظاعة وفتكا من الحصباء والسل والكوليرا والجدري التي ضربتنا في هذه الأرض الجرداء صحبة بقية الكوارث من الجفاف والفيضانات ،بدون أن ننسى التهميش والتقصير والاهمال الممنهج منذ الاستقلال .. لكننا  تجاوزنا بعضها ومازلنا نحاول تجاوز البعض الاخر . وجلسنا تحت ظلال لم نتعود الجلوس تحتها وصار أطفالنا يلبسون الحفاظات وباتت السلطة  من عاداتنا لابد أن تزين موائدنا وأصبحت فتايتنا يضعن على وجوههن الخيار والبيض لتفتيح البشرة . قال لي أحدهم ونحن نستبق الغروب ذات سنة بين باسقات النخيل والشمس تقوم بسكب أشعتها على كثبان صقيلة لا توجد فوقها شجرة مثمرة باستثناء النخلة كيف حول أسلافنا سعف النخيل إلى طعام في السنين العجاف التي ابتعدت فيها السماء عن الأرض وتعثرت فيها القوافل المحملة بالمؤن عن الوصول والقادمة من أماكن بعيدة لا تفصل بيننا وبينها جمارك وموانئ.
اذهبوا الى مناطق الظل او الظلام  سموهم ما شئتم   ستجدونهم يسكنون في أكواخ رثة ويفطرون على الأحمرين الشاي والماء المختلط بالغبار وإذا ما وصلت الشمس لكبد السماء تحلقوا حول صحن يأكلنو ويضحكون ، ما زالوا يرقصون ليلا تحت القمر ويبتسمون زوالا تحت أكواخ مثقوبة وهم لا يملكون ضمانا صحيا واجتماعيا وحسابات بنكية، وأقدامهم متشققة من المشي بطرقات وطن لا يعرفون مقاس جيوبه لأنهم لم يدخلوا فيها أيديهم، لا يعرفون نوعية فصائل دمهم ولا كتابة اسمائهم التي نحتت من المحن، ومع ذلك يواصلون الحياة بأمل متصاعد ورغبة متجددة في الكفاح ومواصلة شكر الله..

فيروس كورونا ليس بتلك الخطورة حسب الأطباء، لكن خطورته المخيفة ستكون في الأضرار الاقتصادية والنفسية جراء القلق المبالغ فيه في وسائل الإعلام ومن الدول التي ستغلق جميع معابرها ومصانعها حذرا منه وهي بذلك تفاقم من أضراره في أنحاء العالم. هو فيروس سريع الانتشار ولن تمنعه أي قوة من الوصول لكل دول العالم على أية حال...

القلق من المستقبل هو أكبر مرض يفتك بصحة الإنسان بعصر التكنولوجيا والرفاه الصحي والمعيشي. تجد الواحد يعيش في بحبوحة وأرصدته في البنوك مليئة بالملايين او حتى الملايير ومع ذلك لا ينام بسهولة من شدة القلق من المستقبل حتى تجده يقوم بتأمين كل ما يملكه لدى "شركات التأمين" حتى حياته التي لا يعرف كيف ومتى ستنتهي! الأخذ بالأسباب أمر جيد ومطلوب بيد أن المبالغة في القلق والابتعاد عن تسليم المقادير لله؛ ليس لهما من نتائج سوى انهاك القلب والشرايين واتلاف الخلايا العصبية والراحة النفسية والعمر في قلق يؤذي السكينة والسعادة..

الوقاية خير من العلاج؛ اغسلوا أيديكم باستمرار وتجنبوا تلقي عطاس الآخرين ومزاحمة الذين يسعلون؛ في نهاية المطاف إن الحياة ستستمر ما لم ينفخ في الصور بالنسبة لنا كمؤمنين أما من لديهم أفكار أخرى عن الوجود فيتفقون معنا أيضا أن كوكب الأرض ليس خالدا. على كل حال؛ الحياة ما زالت مستمرة لحد اللحظة بطريقة ما ربما لا تكون بنفس الألق والأبهة لدى جميع سكان الأرض، وفي كل تجلياتها يجب أن نعيشها آخذين بأسباب البقاء والإعمار دون الخروج من دائرة التسليم لله حتى لا نقع في فخ الطغيان وعذاب القلق وشقاء القنوط واليأس... ..
والصور قد تخدم النص في بعض الأحيان ..

واقول ماتقرؤون واستغفر الله لي ولكم.....




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *