إعلان في الرئيسية

أخبار ساخنة

إعلان أعلي المقال

الصحة الصحة

حكاية مدخن



ذكريات مدخن : 



كان حلمي منذ نعومة أظافري أن أستيقظ يوما فأجدني شابا يافعا أذهب حيث أشاء وأفعل ما أشاء : أدخن بحرية،  لا أخاف رقيبا يشي بي ولا حسيبا يعاقبني،  كنت كلما عوقبت بما كسبت يداي أحسد بعض أقراني الذين يدخنون بحرية تشعرني بالدونية والضعف.. 

ثم دار الزمان_وناهيك بدورانه_فتحقق الحلم دون أن يكون له عنوان مميز،  فأسرفت في انتهاز المراهقة،  واستحالت محاكاتي للمدخنين إدمانا،  وزادني عذل العاذلين سعادة،  فكنت أتشيطن حتى يقولوا : تشيطن 

     ولكم تشيطن كي يقول الناس عنه شيطانا

 كان كل شيء على ما يرام،  فلم أنقم من نفسي إلا شحوبا في اللون ونقصا في الشهية والوزن،  فكادت شهيتي تنحصر في شيئين : سيجارة وكأس شاي،  فكلاهما يشعرني بسعادة لا أدري مصدرها. 

غير أن سؤالا واحدا اقتحم علي خلوتي  دون استئذان فأفسد متعتي وقض مضجعي وحول حياتي جحيما.. كان يرن بقوة في أذني عندما يهجر العباد الهجوع وأخلد إلى النوم،  أحاول أن أصم عنه أذني فأضغط على المخدة برأسي وأجعل يدي على أذني بقوة ورغم كل ذلك كان يصلني واضحا : ماذا لو مت بسبب التدخين؟؟؟ 

لم أكن أجد جوابا مقنعا فأتلهى عنه بأسئلة جانبية : ماذا لو كنت جاهلا بأضرار التدخين؟؟؟  فأتصور سعادة ذلك المسكين الذي عاش حرا ومات مؤمنا بالقضاء والقدر معذورا مغفور الذنب.. ثم يسلمني السؤال لآخر دواليك حتى أستيقظ مرهقا خبيث النفس كسلان. 

إلى أن جاءت تلك الليلة التي لو كنت متخذا غير العيدين عيدا لاتخذتها عيدا، ليلة السادس من اكتوبر  سنة اربعة وألفين وبالتحديد الساعة الثامنة مساء،  تلك اللحظة التي قررت فيها الإقلاع عن التدخين. 

لم أصدق أني تخلصت من الإدمان فلازمني كابوس الرجوع إلى التدخين بضع سنين كلما نمت أستيقظ فزعالأنزع السيجارة من فمي،  ثم أحمد الله على أنه مجرد كابوس. 

مادفعني لكتابة هذه الخاطرة الجافة هو مآسي أخلاء لي ساروا على نفس الدرب منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، رحم الله ميتهم وشفى مريضهم. 

ولو موتنا 

كان من أجل أمر عظيم 

لكنا ذهبنا إلى موتنا ضاحكين 

ولو موتنا كان من أجل وقفة عز 

وتحرير أرض 

وتحرير شعب 

سبقنا الجميع إلى جنة المؤمنين... 


عفا الله عنا وعنكم وعن كل مبتلى...

 

واقول ماتقرؤون واستغفر الله لي ولكم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *