القليل من الكفاح والفضول،قد يجعلك سعيدا!
لدي صديق شاب في ريعان الشباب يزاول عملا في القطاع العام،لا يمتلك هاتفا ذكيا...
وواتساب وفيسبوك وغيرهما من وسائل التواصل لا تهمه ولا يعرفها مطلقا.لا يشاهد الأخبار،وقد تعطيه "تيلي كوماند" وتتركه مع التلفاز،دون أن يجد الرغبة في التجوال بين القنوات،أحيانا يقول لك "خليها على الارضية"
أما الرياضة وما يسمى بالريال مدريد وبرشلونه،فهذه الأشياء ربما لا يشعر بها إلا إذا سمع بالصدفة هتاف المشجعين في أحد المنازل المجاورة.....
هكذا هي حياته،من العمل إلى البيت،ومن البيت إلى العمل،ولا شيء آخر..
المكان الوحيد الذي يستهويه في هذا العالم،هي قرية نائية تقع في اعماق الوطن ولد فيها وترعرع،يستطيع المكوث فيها قرونا دون أن ينتابه الملل،رغم رتابتها وبساطة الحياة فيها...
لا يسعي لإكتساب أصدقاء جدد،ولا يفهم في السياسة ويستحيل أن يدخل نقاشا عاما،أو أن يقترح عليك أخذ فسحة إلى البحر أو إلى طريق "شارع الحب" المشبوه أو الذهاب لوقفة إحتجاجية تحت الشمس....
هادئ جدا كالمساء في الأرياف،لا يدخن ولا يتعاطى الرغبات العشوائية،قد سلم المسلمون من لسانه بكل تأكيد،يقوم بعمله وحسب وهذا شيء جميل يحسد عليه.
أحيانا أشعر بالغيرة منه،وأحيانا أرغب في أن أزرع في قلبه قنبلة ناسفة من الموسيقى المحلية،حتي يهيج مثل أمواج المحيط،حتى يكسر الروتين بقوة،ويرقص على شواطئ التهور والجنون لبعض الوقت....
قد تقضي معه ثلاثة أيام دون أن يسألك عن أي شيء..
كأنه جزيرة عائمة في عرض الرتابة،رغم ذلك صداقتنا صلبة،وأعرف رمزه السري وكيف أجعله يتسلق مئذنة البوح كشاعر فقد حبيبته في حرب أهلية...
طبعا لكل أحد منا نمط معين من الحياة يستهويه،قد لا يعجبنا بالضرورة لكن علينا أن نحترمه،بالنسبة لي أرى أن الفضول ضروري لجلب السعادة والمعرفة،لذلك أشعر بحماس شديد كلما جعلتني الأقدار على حافة تجربة جديدة،أو أن يدعوني أحدهم مثلا لكي ارتشف معه كوبا من الشاي..أحيانا أفكر في فتح مطعم صغير للوجبات البطيئة،بكل صراحة الحياة تكتظ بفرص كثيرة للمشاريع الصغيرة،لكنها من نصيب البعض فقط،فمعظمنا يحلم فقط بالثراء السريع وبحياة يمﻷها البذخ..
لذلك ينقصنا الكفاح والفضول المعرفي لننهض بقوة..
هنا حاسي مسعود(مكان العمل).ويبدو أن هناك كتيبة من الناموس تحاول جاهدة امتصاص دمي،كأنها لا تعرف أن دمائي ليست لذيذة كما تتصور،وأنني لا أعرف فصيلة دمي لحد الساعة،رغم أنني أفكر في التبرع ببعض منه،فهو الشيء الوحيد الذي بحوزتي الآن يمكنني التبرع به وقت ما أشاء....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق