الموتْ!!
عندما يداهمك الشتاء فتختبئ تحت الغطاء في زواية حادة من البيتْ والظلام الدامس والصمت يخيمان على المكان.
إن كنت شجاعاً! ستفكر في الموت وتتخيل جسدك ملفوفاً بقماش أبيض يتدلى في حفرة ضيقة ووابل التراب يتراكم عليك بتدرج ثقيل وأقدامهم في الأعلى تحث الخطى ورجل طيبْ يلقنكَ الشهادة بسرعة حتى لا تذهب عنه السيارة،وجسمك يتحلل ويكتسحه الدودْ
ليعودوا همْ إلى مجلس العزاء ليتناولوا بعض المكسرات وكؤوس الشاي قبل الكسك واللحم طبعا ويتجاذبون أطراف الحديثْ معرجين على بعض خصالكْ،مع شيىء من الدموع والنحيبْ سرعان ما يتلاشى!!
وأنت هناك في الحفرة يمر عليك أحدهم ويرى آثار الأقدام والماء على أديم قبرك فيقول ساكن جديدْ ويمضي!بعدما طَردَ وقع خطواته سحلّية كانت تختبئ عند اللوح المنقوش على رأسك.
أشيائك البسيطة كملابس نومك وبطاقة تعريفك ومعجون أسنانك سيتم عزلها في مكان قصي،وأشيائك الثمينة سيتم توزيعها،وسيكتب أحدهم تغريدة طازجة في مواقع "التواصل الاجتماعي" يترحم فيها عليك فيمر عليها أحدهم يعاني من "الملل" فيقول في نفسه "مسيكين هو ذَا ماتْ" فيسجل إعجابه ويتكاسل عن التعليقْ!!
أثناء ذلك وأنت في غياهب التفكير في الفناء،تحرك رجلك وتشعر بدقات قلبكَ وبنسيم بارد يتسرب من تحت حافة "الكوات"،فتقول أنا حيْ فتفتش عن هاتفك الحزينْ الذي لم تزره رنَّة منذ أيام وتضيئ شاشته فتسافر هواجس الموتْ كسرب من الخفافيشْ يخرج من تشققاتْ الجبالْ.
فتسأل نفسك هل يخاف الموت من الضياء؟
جميع الذين أخذهم الموت لم يعودوا ليحدثونا عنه....قد يكون طيباً.
أجسادنا عبارة عن كتلة متحركة من "اللحم والعظام" يمكن قياس وزنها والروح من أمر ربي.
عيوننا الزجاجية لا يمكنها أن تبصر الأشياء المغيبة!!
لا تذهبوا بعيداً في زراعة الأسئلة في دروب العقلْ،فإماطة الأذى عن الطريق صدقة وتبسمك في وجه أخيك صدقة والكلمة الطيبة صدقة وفي كل كبد رطبة أجر.
سطح الأرض الآن يكتظ ب اكثر من7 مليارات من الأجساد المتحركة بعضهم يبكي وبعضهم يضحك بعضهم يرقص وبعضهم يصلي وباطن الأرض ينتظرهم جميعاً سنتساقط تباعاً من جسر الحياة المائل!
هناك لحظة يجب أن نعيشها بسعادة دون أن نُتْلِفَ أزهارَ الخير،قبل أن يمسك الموت بأقدامنا ويسحبنا نحو المقبرة وهو كالعادة لا يستأذن ولا يطرق الأبواب بل يدخل عنوة!!
هل عيونكم مبصرة وقلوبكم تمارس الخفقانْ وأجسادكم تتحرك وعقولكم تبحث،أنتم أحياء ولديكم فرصة!!
إفعلوا ما تؤمنون به والطريق إلى الله لا يوجد عليها حراسْ..
واقول ماتقرؤون واستغفر الله لي ولكم

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق